رؤية الإصلاح الرئاسي تُطوِّق الفساد والمفسدين

كشف تقرير محكمة الحسابات مؤخرا عن مظاهر مقلقة من الفساد وسوء التسيير داخل بعض مؤسسات الدولة مما يدق ناقوس الخطر بشأن مدى التزام بعض المسؤولين بتنفيذ التوجيهات العليا و برنامج الإصلاح الوطني عند فخامة رئيس الجمهورية السيد/ محمد ولد الشيخ الغزواني 

وتأتي هذه المؤشرات السلبية في وقت جعل فيه فخامة رئيس الجمهورية السيد / محمد ولد الشيخ الغزواني من الشفافية ومحاربة الفساد و العدالة الاجتماعية ركائزَ أساسية لبرنامجه الطموح وتطلعاته إلى بناء دولة حديثة و قوية و عادلة تعتمد الرقمنة و التمكين و تآزر الجميع

فمنذ توليه مقاليد الحكم أرسى فخامة الرئيس مجموعة من المبادئ من أهمها:

1 — رفض التمييز الطبقي في التعيين حيث أكد أن المناصب العمومية ليست امتيازا ولا حكرا  بل حق لكل مواطن يمتلك مؤشرات توحي بكونه أهلا للمسؤولية

2 — الاعتماد على الكفاءات الفعلية في اختيار المسؤولين مع التأكيد أن الشهادات الأكاديمية والسيرة الذاتية برهنت ربما في سابقة من نوعها أنها  ليست وحدها معيارا للنزاهة لكنها تظل مؤشرا مهما على أهلية الشخص

3 — تعزيز التنسيق داخل الفريق الحكومي لضمان تخطيط فعّال وتنفيذ منظم و تحديد أولويات تنسجم مع برنامج الدولة المعدله وفق استراتجيات معينة 

4 — إعطاء توجيهات واضحة لتنفيذ خارطة الطريق الرئاسية و ترجمتها إلى مشاريع واقعية يستشعرها المواطن

و مع ذلك فقد اصطدمت هذه الرؤية رغم وضوحها و استنارتها بتحديات جسيمة كان بعضها ناتجا عن عدم الإخلاص في التنفيذ و ضعف الانسجام داخل الفريق الحكومي.

إن التناقض القائم بين الرؤية الرئاسية من جهة و بعض الإرادات الفردية و التنفيذ من جهة أخرى يستدعي وقفة متجردة و مسؤولة لإعادة تقييم المسار الإداري و معالجة مكامن الخلل التي ضمنها تقرير محكمة الحسابات و العمل الجاد على إصلاحها

فقد شكل التقرير وثيقة مرجعية تكشف حجم الفجوة بين التوجيهات العليا و الممارسات الفردية داخل المؤسسات و يمكن تلخيص أبرز النقاط الصادمة فيه كما يلي

— عدم الإخلاص من بعض المسؤولين في تنفيذ السياسة العامة لفخامة رئيس الجمهورية و هو ما يعكس ضعف الولاء المؤسسي للبرنامج الوطني و تقديم المصالح الشخصية على المصلحة العامة للوطن

— التأكيد على أن الشهادات الأكاديمية والسير الذاتية لا تضمن بالضرورة النزاهة مما يبرز الحاجة إلى تقييم عملي مستمر للمسؤولين استنادا إلى سلوكهم ونتائج أعمالهم

— تعريف النزاهة كسلوك عملي يقاس بالالتزام الأخلاقي و الانضباط المهني و بصمة الحاضنة الاجتماعية في التربية الناضجة و الحرص على المصلحة العامة و زرع روح المواطنة و هي القيم التي تسعى المدرسة الجمهورية إلى غرسها في نفوس الأجيال القادمة

— عدم تماسك الفريق الحكومي وتضارب الأجندات بين الوزارات مما يؤثر سلبا على قدرة الدولة على تنفيذ سياسات موحدة ومنسجمة

انه لمن أبرز ما يميز رؤية فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني أنه يركز على الولاء للكفاءة والوطن لا للأشخاص أو الانتماءات الضيقة و رغم ما قد يسببه هذا التوجه من ردود فعل غير مرحب بها  من بعض الأطراف فإنه يمثل الطريق الصحيح نحو بناء مؤسسات دولة قوية وفعّالة

وإن كانت بعض الشخصيات مخيبة للآمال متجاهلة مكانتها العلمية التي كان يعول عليها و أثرت سلبا بما عاثت به فسادًا في الأرض فذلك يدل على عدم إدراكها لقيمة الاستقامة فالمادة يمكن الحصول عليها في كل وقت و عواقب ذالك و عجزها عن الإجابة على من أين لك هذا ؟ 

أما الفرد المستقيم فالحصول عليه يتطلب كثيرا من التربية والعناء

فبالمواطن الصالح تذلل الصعوبات وتهزم التحديات 

و في الأخير إن ما كشف عنه تقرير محكمة الحسابات يجب ألا يكون صدمة عابرة او حديثا متجاوزا بل ينبغي أن يشكل فرصة للمراجعة و التصحيح و تجديد العهد مع قيم الشفافية و النزاهة و العدالة التي يعمل جاهدا  فخامة رئيس الجمهورية  السيد / محمد ولد الشيخ الغزواني على تحقيقها في سبيل بناء دولة المستقبل التي يتطلع إليها و التي قد يقصر البعض عن إدراك أبعادها لكنها ستظل الهدف النبيل الذي لا خيار أمامنا إلا السعي نحوه والعمل معا على تحقيقه

الشيخ ماء العينين / الطالب اخيار